في رحاب الكعبة
- Dr. Samir Ghoweba

- Sep 2, 2019
- 2 min read

هل تأملت مرة الحجيج وهم يغسلون ذنوبهم بدموعهم الصادقة، هل عشت مشاعر الحاج للوهلة الأولى عند رؤيته للبيت العتيق، وما ينتابه من الرهبة والإجلال لهذا المكان ثم لا يلبث أن يتحول الشعور في نفسه إلى إحساس دفين بالأمن ... فإذا كنت تعاني قلقا أو تتعاطى حبوبا مهدئة أو كنت تدخن ، ونويت الحج فسوف تمنحك هذه النية إرادة غير عادية، تعينك على السفر والطواف والسعي والهرولة ... وعندما ترتوي من ماء زمزم ثم تجلس تتأمل الكعبة المشرفة ... وتتدبر، ستشعر براحة نفسية لا توصف ... بعدها تستيقظ طاقاتك وتشتد عضلاتك ، فتجد نفسك تسعى ماشيا أو مهرولا نحو أربعة كيلومترات بلا تعب ، والحقيقة أن ما خضته ما هو إلا علاج نفسي ناجع، قوامه قراءة القرآن خاصة وقت السحر، علاج دون طبيب يعلمك أن تدفع بالتي هي أحسن فلا تشاحن ولا رفث ولا جدال ... بل نصر للمروءة والأدب ... كل هذا يتحقق لك بذكر الله الذي بذكره تطمئن القلوب .
إنني لن أنسى قصة تلك السيدة التونسية التي كانت تعاني مرضا خبيثا يئس من علاجه الأطباء، فرأت أن تختتم حياتها في رحاب الكعبة ، فسكنت بجوارها ثمانية أشهر كاملة، تصلي وتبتهل ... تذرف دموع المنتظرين لقاء الغفور، كان شرابها وغذاؤها ماء زمزم الطهور، وتحققت المعجزة التي حيرت الأطباء، فقد اختفى المرض وشفيت السيدة تماما من أخطر أمراض العصر، وهذا برهان ساطع على ما ذكره المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل : "ماء زمزم لما شرب له، إن شربته ترجو به شفاء الله ". وحقيقة الأمر إن الإيمان إلى جانب بركة الشفاء بماء زمزم هما التفسير الموضوعي لتلك المعجزة ..
ومعجزات الشفاء في الإسلام لا يتسع لها المقام .. وقصة السيدة التي ذكرناها تؤكد أن الإيمان قوة دافعة يمكنها قهر كل مرض وهذا ما أكدته أحدث دراسة في كبرى جامعات أمريكا، حيث أعلنت أن الإيمان والصلاة بصفة خاصة لهما تأثيرهما الفعال في دعم مناعة الإنسان وقهر السرطان .. وهذه شهادة لم تكن متوقعة ... بعدما سجل العلماء بالكمبيوتر الأثر المهدئ لتلاوة القرآن على غير المسلمين (.. وهو نفس ما ذهب إليه د."أليكس كاريل" الحائز جائزة نوبل في الطب والذي أكد أن الهموم تحدث تغييرات عضوية وأمراضا حقيقية، والصلاة وتأمل الذات العليا الإلهية واستلهام العون والرحمة تحدث تغييرات إيجابية في الأعضاء وتساعد على الشفاء. وهي الحقيقة نفسها التي أكدها إمامنا "ابن القيم" حيث قال : " في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه أوالفرار إليه.
فقط علينا أن نفر إليه وحده ... نقنع بعطائه ونرضى بقضائه، ونفرح بلقائه...
د.سمير غويبه
نشرت بالمرأة اليوم






Comments