top of page

..ومضى قطار العمر

  • Writer: Dr. Samir Ghoweba
    Dr. Samir Ghoweba
  • Aug 31, 2019
  • 2 min read

Updated: Sep 1, 2019


ree

ومضى قطار العمر أسرع من لمح البصر، ومضت حلاوة الحياة وزحفت الأخاديد والتجاعيد، رحل الشباب ليغزو المشيب!


أسمعك تقول: إنها سنة الحياة.. نعم ولكنها غلطة عمري.. فلم أخطط لحياة أخرى بعد تقاعدي، واستسلمت للفراغ والملل والتلفاز، وكان علي أن أعاني الأمرين من إزعاج زوجتي وسيطرتها وهيمنتها على حياتي بل حتى أنفاسي، فهي تلازمني ليل نهار، وتقتل الوقت في نقاش عدواني، يضطرني أحياناً أن أستعيد إدارتي وافرض أوامري الصارمة، ولكنني أنا الخاسر بعد كل معركة معها، واكتشفت أن المرونة مطلوبة حتى لا أشعر بالوحدة! .. ولكن ضاعف ألمي بعد كل هذه السنين ما يحيط بزمنكم من عبوس، فكم تمنيت أن نضحك من جديد، أيامنا كان كل شئ على الأرض ضاحكاً و باسماً ومتفائلاَ’ كنا نستمتع بأشعار رامي وشوقي وبديع، تشدو بها سيدة الغناء،وعشنا أروع اللحظات مع تاكسي الغرام والآنسة حنفي وليلى بنت الفقراء، فلم يكن الفن أيامنا ترفاً فحسب بل كان يحمل رسالة ، أتذكر كيف كان أبطال الشعر والزجل يتندرون على كل شئ.. نعم كان لفنهم مغزى سياسي مؤثر ، كانوا بحق ضمير أمتهم ونبض الشارع..

ترى من يتذكر معي عمنا بيرم التونسي صاحب " يا بائع الفجل بالمليم واحدة ... كم للعيال وكم للمجلس البلدي كان بيرم وطنياً ومشاكساً، فنفوه وشردوه!

كنا نتعاطى السياسة ونغار على الوطن، حتى شهدنا أوهام القومية وكل المشاريع الخيالية التي ضيعت العراق والقدس والضفة ، وأضعفت مستقبلنا.. وكلما شهدنا البطش وزوار الفجر ومذابح المثقفين انسحبنا أكثر وأكثر!!

نعم الظالمون قتلوا فينا الحب.. دمروا معه كل الذكريات الجميلة، ولهذا أتعجب لأبناء اليوم يحتفلون بالحب، ويجعلون له عيداً، فأين هذا الحب وأرضكم مشتعلة ، وأبناء الشعب الواحد يتصارعون، فلا أرى إلا أحقاداً وزيفاً وظلماً.. لا أرى هذا الحب سوى مفقوداً أو نفاقاً أو مغلفاً بمصلحة، أي حب وزمنكم مزقه نحيب الثكالى وبكاء الرضع وأصوات أبواق الإسعاف؟

كيف تحتفلون بالحب والكراهية تغمركم؟ لا شك أنكم لا تعرفون معنى الحب!

ولكن صدقوني نحن الكبار أكثر منكم حاجة للحب، فلا نجد لديكم وقتاً لنحظي بعطفكم، أو حتى لنشكو لكم من تعب القلب أو زيادة السكر، لا تظلمونا وتدعوا أن الحب يموت بعد المعاش، فلسنا قطعة أثاث تتسلون بها، فنيران الحب عندنا لا تنطفئ بل تتوهج حتى آخر العمر..

سمير غويبه نشر بالديوان

Comments


bottom of page