!....نائمون في العسل
- Dr. Samir Ghoweba

- Sep 2, 2019
- 2 min read

إختلطت عندي مشاعر الحيرة والدهشة قبل أعوام وأنا أطالع ما نقل عن نقيب أطباء مصرالسابق وهو يتهم بعض أعضاء البرلمان بالتورط مع شركات التبغ لمنع صدور قانون من المجلس بحظر الإعلان نهائياً عن "السجائر"، ولوح النقيب بمستندات تحمل تفاصيل الضغوط التي مارستها الشركات لتعطيل صدور القانون لسنوات طويلة،وإيثاراً للسلامة وبعيداً عن "وجع الدماغ" تراجع النقيب تحت وطأة الضغط عليه للكشف عن أسماء النواب، وأرجع الإتهامات إلى تقاريرمنظمة الصحة العالمية والتي تفصح صراحة عن محاولة الشركات رشوة المسؤولين، وأن هذه الشركات قد اتصلت به شخصياً وحاولت رشوته!
وهذا قد يفسر لك عزيزي القارئ لماذا فشلت حتى الآن تشريعات مكافحة التدخين في أكبر بلد عربي ينتج 80 مليار سيجارة سنوياً، ويدخن ربع طلابه، وثلث أطباؤه، ويتنافس نجومه عبر دراما هابطة لترويج التدخين الذي يتراجع في العالم كله؟ نعم نرضى بالهوان والصمت فلا نقاضي من أجرموا في صحتنا ومستقبلنا، بينما تدفع هذه الشركات المليارات لتسوية دعاوي التعويض ضدها في أمريكا، مع تعهد بمنع تسويق التبغ للصبية، وهو مادفع مستشفى الملك فيصل إلى رفع دعوى يائسة ضد وكلاء التدخين في السعودية، للحصول على تعويضات كما فعلت الشركات الأمريكية الأم مع مواطنيها!! و نستسلم لمن يدمرون صحة أبنائنا ويشترون صمتنا، بينما توشك الشركات الأمريكية على الإفلاس لو دفعت تعويضات عن الأرباح غير المشروعة التي حققتها في الماضي، وذلك بعد أن تم توجيه اتهامات بتضليل المواطنين الأمريكيين والإحتيال عليهم طوال مدار الخمسين عاماً الأخيرة، وكلما تصاعدت سياسات مكافحة التبغ تذرف الشركات دموع التماسيح على إنهيار إقتصاده الذي يعمل في صناعته الملايين!
وتأمل كيف أن تسويق السجائر في بلادنا ينتعش، والقوانين ضدالعدو الأول لصحتنا مازالت تحبو، بينما تفرض في الخارج قيود مشددة على إنتاج وبيع التبغ للكبار والأطفال في محاولة لإنقاذ أرواح آلاف بل ملايين الأشخاص، حتى صار مستحيلاً أن تدخن بمكان عام أو مغلق في كثير من البلاد الأوروبية!
نحن نائمون في العسل، وربع الشباب في بلادنا يجربون التدخين قبل الخامسة عشر، ومادامت قوانينا غير صارمة، فالمدخنون يزدادون والشركات تخرج لسانها للجميع!
سمير غويبه






Comments