في عيدك....أمي
- Dr. Samir Ghoweba

- Sep 2, 2019
- 2 min read

هل نحن بارون بمن صنعوا منا رجالا ونساء؟.. لماذا وصمنا شيخوختهم بأنها "نهاية المطاف" بينما يمكن - بقليل من الوعي- أن نحول أيامهم الأخيرة إلى قمة العطاء، فلا يكون مصيرهم دار العجزة والمسنين أليس منهم من أبدعوا بعد الستين .. ونماذجهم عاشت بيننا ولا تزال تعطي كمانديلا بطل المقاومة والسلام ، ونجيب محفوظ أديب العرب .. ومايكل ويبكي الجراح العالمي.. لماذا حكمنا عليهم بالعجز والشيخوخة ونادرا ما نواجه مشكلاتهم الصحية المزمنة وأبرزها الاكتئاب والحزن .. والتي تحتاج في المقام الأول إلى آذان صاغية قبل أي دواء وصراحة لا تخلو من النضج؟ والى متى يستمر هذا الإهمال لآبائنا وأمهاتنا في هذه السن الحرجة من قبل صحافتنا العربية هلا فتحنا قلوبنا وصفحاتنا - المكتظة بكثير من اللغو- واقتحمنا مشكلاتهم .. بالمعلومة المختصرة والمفيدة والموضحة بالصور والجداول . فكفاهم ما يعانون من صعوبات القراءة خلف نظارات سميكة، أفلا يحتاجون منا- بعد إهمال طال أمده - بعض السطور بعدما استأثر أهل الفن والرياضة بكل السطور، وفي عيدك أمي.. أتذكر نماذج العقوق في مجتمعاتنا العربية .. فلا أنسى هذه العجوز التي روت معانتها وقد سبقتها دموعها قائلة : نحن في آخر الزمان .. فقد تبدلت الحال .. وفقدت قوتي ونظري وأموالي وصرت بعد سبعين سنة نهباً للوحدة والفقر والهواجس.. أتدرون من المسؤول، إنه ابني الوحيد الجاحد الذي ضحيت من أجله وآثرت البقاء أرملة بعد رحيل والده ، حتى صنعت منه رجلا.. وفجأة دخل علي بأرملة تكبره .. طلبت منه أن يختار بيني وبينها.. وطردت من بيتي بعدما سحق ابني شيخوختي لأعيش بقية عمري منزوية على سرير انتظارا لنهايتي في دار العجزة، وهكذا تمزق آباؤنا وأمهاتنا في كثير من مجتمعاتنا العربية بين جحود الأبناء وقسوة الظروف بعدما استسلم الأبناء لمطالب الزوجات ونسوا أن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، وأن بر الوالدين واكرامهما فريضة من الله سبحانه وتعالى. ورغم مجتمعات الوفرة ، فإن مسامعك تصدمها أنباء التقارير التي تؤكد أن أكثر من نصف المسنين يعانون سوء التغذية التي تزيد مرضهم وتؤخر شفاءه، وهي نتيجة لوحدتهم وعزلتهم فيصعب عليهم الوصول إلى أقرب متجر يبيع لهم الخضار الطازجة ، وكثير من كبارنا الضعفاء يقاومون ويخفون ، فيستسلمون لشكواهم المرضية والتي قد تؤدي بهم إلى مشكلات أخطر، ويصل بهم اليأس إلى التعقيب على ذلك بعبارة مشهورة " يا لله حسن الختام ".. والمحيطون بهم يعتقدون خطأ أن تدهور الصحة أمر طبيعي مع مجيء الشيخوخة . فإذا ما صرح المسن بالشكوى صنف عشوائيا بالمكتئب رغم أن الشيخوخة ليست سببا للاكتئاب .. وربما كانت الأدوية الخاطئة التي يتناولها هي السبب.
في عيد أمهاتنا .. علينا أن ندرك قبل الندم كيف صار آباؤنا ضعافآ يصارعون الحياة بمفردهم معظم الأوقات في زمن انشغلنا عنهم بالدنيا وزيفها.. في عيد أمهاتنا علينا أن ندرك قبل الندم أن آباءنا وأمهاتنا بركة ونور يعمر بيوتنا، فلا نطفئه بالهجر بل نحيطه ونرعاه بالرحمة والحب .
سمير غويبه






Comments