بداية النهاية
- Dr. Samir Ghoweba

- Sep 2, 2019
- 2 min read

كان دائماً يفتقد الصبر ولا يحتمل الألم؛ فإذا أصابه صداع طفيف أو ألم بضرسه، إندفع نحو أقرب صيدلية، يطلب أقوى المسكنات، وأقدرها على تخدير مواضع الألم، وهو لا يدرك أن إستعمال هذه القذائف الموجهة ضد الألم قد تكون أول الطريق نحو زيادة الجرعة دورياً، حتى يحصل على نفس التأثير، وخاصة أن إحتمال هذه الجرعة المتزايدة والإعتماد الجسدي اللذين يصاحبهما النشوة؛ يدفعانه إلى الإستزادة من المخدر للحصول على أكبر نصيب من النشوة، ثم يدفعانه دفعا ًنحو الإدمان! فإذا كانت المسكنات الأخرى والبسيطة تفي بالغرض فلماذا يصر البعض على مشتقات المورفين" وليد الخشخاش" المتهم الأول والمصدر التاريخي للمخدرات.
ومن المهم أن ندرك الحالات التي يمر بها المراهق المدمن حولنا، فهو يمرأولاً بتنبيه سريع، تعقبه نشوة قصيرة يرافقها تخيل وهذيان، ثم يميل إلى النوم، حتى إذا ما استيقظ شعر بتعب ويصاب بضعف الذاكرة وينقص وزنه، ويشحب لونه، وتضمر عضلاته، إنها باختصار "بداية النهاية"!
مع الأسف لا يكتشف المرء تورطه في إدمان هذه العقاقير، بل يدركه المحيطون به عندما يصبح خطراً داهماً، ليس فقط على نفسه بل على كل المحيطين به، وعلى مجتمعه ؛ فهو عندئذ مندفع وجامح ويرغب في المخدر والحصول عليه بأي وسيلة!. بعدها يتحول إلى وحش كاسر مخيف، وقد يرتكب الجرائم التي تؤدى به إلى حبل المشنقة.
والمدمن ليس مريضاً عقلياً ولكن يجب علاجه في مصحة، وهنا يجدر تصحيح إعتقاد خاطئ، وهو أن المدمن لا يعالج إلا بإرادته، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن إجبار المدمن على العلاج هو الأصح، بشرط الإهتمام ببرنامج تأهيلي ونفسي بواسطة متخصصين.
أرجوك لا تتعامل مع الأمور بحسن النية، فإذا أدرت ظهرك لإبنك المراهق، وأغفلت مراقبته، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فينجرف المراهق الخجول المنطوي- على يد أصدقاء السوء- إلى عالم الإدمان المشوه، وعندئذ لا تلومن إلا نفسك!
سمير غويبه
نشرت في المرأة اليوم






Comments