من هو النذل الحقيقي

ما كدت أروي لكم قصة الشاب الذي أخفى سبب موت أبيه وتسبب في قلق جارف اجتاح أصدقاءه المقربين.. حتى انهال الجميع بوصمه بالنذالة والغباء والجهل وانعدام الضمير ولكني كنت أتمنى أن نتروى ونتأمل في القصة قليلاً وهو مادفعني ان اتساءل : ما الذي اضطر هذا الشاب الى سلوك اعتبره البعض "نذالة" في نظرهم..؟ وما الذي دفعه أن يتكتم الأمر حتى يوارى جثمان أبيه..؟ أي عار توارى منه اضطره أن يخفى نبأ مرض أبيه ويعالجه سراً حتى يدفن طبيعياً مثل أي مرض فيشكل خطراً على نفسه وعلى جيرانه وأقاربه ؟ أهي ضغوط مجتمعية تعرض لها أم خلل شخصي بحت كما اتهمه البعض؟ هل سألنا أنفسنا ..ترى من هو المجرم أو النذل الحقيقي؟..

أهو من تخلى عن والده المصاب ولم يدبر له سريراً بمستشفى واكتفى بأن يدس في يده كيساً من الفيتامينات والمسكنات.. وأمره أن "ألزم منزلك"..؟

أم النذل في مدينتنا ذاك الجاهل الذي تجمهر وطارد طبيبة تعمل بمواجهة الوباء فعزلت نفسها لتحمي الناس واتهمها بالكورونا وجمع المتطفلين وطالب بطردها من الحي؟ ثم باس القدم وأبدى الندم لما جاءت الشرطة تحقق في الأمر؟

أم النذل .. الذي طارد سائحاً صينياً في قلب القاهرة كفأر مذعور لمجرد أنه صيني وأضر بسمعتنا؟

أم النذل.. الذي سد الطريق بصدره ومعه غوغاء القرية أمام دفن طبيبة توفت بالكورونا .. ومنعها حقها الشرعي في أن تدفن بكرامة؟

هؤلاء وهؤلاء .. من الجهلاء الذين ألبسوا ضحايا الكورونا "رداء العار" وكأنهم مرضى للإيدز من الشاذين..الفارق كبير ..كيف أفرز مجتمعنا الظالم وصمة "الكورونا" التي لا تليق بمن سقطوا ضحايا للوباء بلا ذنب اقترفوه سوى أنهم تعرضوا لعطسة عابرة من مصاب .. أو هم ممن سقطوا بشرف وهم يحاربون الوباء بصدور عارية في الخطوط الأمامية..؟

ترى من هو "النذل الحقيقي"...؟

س غ