شجاعة ام
- Dr. Samir Ghoweba

- Jul 24, 2020
- 2 min read

دكيت لانجبروك ... مذيعة أسترالية أثارت جدلا كبيرا بين المشاهدين حينما أقدمت على إرضاع طفلها على الهواء مباشرة بينما كانت تشارك في تقديم برنامج تليفزيوني، وأعقب ذلك انقسام واضح في ردود الفعل ، ففي حين كان البعض متعاطفا تماما معها ، انتقد البعض الآخر بشدة تصرف المذيعة ، ودفع ذلك رئيسة اتحاد الأطباء إلى دعم المذيعة قائلة : إننا بحاجة لأناس مثلها يتسمون بالشجاعة وأنا أهنئها على شجاعتها، وهي ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الضجة .. فقد سبق أن طردت إحدى المشرعات من البرلمان عندما بدأت في إرضاع وليدها وما حدث يعكس أن هناك وعيا متناميا بحتمية العودة إلى حليب الأم ، يواجه دفعا مضادا تدعمه دعاية مكثفة للحليب الصناعي، وهو ما يبطئ العودة السريعة إلى الإرضاع الطبيعي رغم إجماع كل الآراء الطبية على فائدة لبن الأم وسموه على الحليب الاصطناعي والديانات ، قبل العلماء، تدعو إلى ضرورة الرضاعة الطبيعية التي تتميز بفوائد صحية عظيمة تفوق ما تقدمه الأغذية الصناعية البديلة .. ولعل أخطر هذه التأثيرات هي تلك الرابطة الإنسانية التي تنشئها بين الصغير وأمه .
ثم هناك ما أيده الطب الحديث من حقيقة أن الأطفال الذين يرضعون الثدي هم أكثر ذكاء وأقوى مناعة .. فالرضاعة الطبيعية أمضى الأسلحة التي يحتاجها أجيال المستقبل في قرن الغلبة فيه للأذكياء، ولا مكان فيه لفاقدي المناعة . وحليب الأم ، وما يتميز به من تركيب نادر.. لا يوجد على وجه الأرض محلول فسيولوجي يضاهيه .. فقد فشل العلم المتقدم في إنتاج لبن يماثله ، أو أي سائل يحمي الطفل على المدى البعيد من الإصابة بجملة أمراض مثل تصلب الشرايين وضغط الدم والسكري والسرطان ، وتسوس الأسنان .
لبن المسمار....
وكالعادة .. أهملت أمهات العرب نصائح الجدات ، وهن يهمسن في آذانهن ، منذ اللحظة الأولى، عقب الولادة بأن يحرصن على "لبن المسمار" أو "اللبأ" الذي يمنح أطفالهن مناعة غير محدودة ضد ميكروبات الأرض... نعم أهملت الأم العربية "نصيحة الجدة " وسارت مسلوبة الإرادة وراء المرأة الغربية التي استجابت لمبررات زائفة روجت لها شركات الحليب .. بأن الرضاعة الصناعية تساعد الأم على الحفاظ على جمالها ورشاقتها.. وأن الحليب الصناعي يحتوي على عناصر إضافية لا وجود لها في لبن الأم، كما إن أمهاتنا قد اعتبرن الرضاعة الطبيعية من التقاليد القديمة .. وأغفلن التوصية القرآنية العظيمة بحتمية الرضاعة لعامين كاملين .. وهي التوصية التي أقرتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف هذا العام .. فهل كان عليهم الانتظار كل هذه السنين حتى تمزج الأبحاث الحديثة بحقائق دامغة تؤكد أن حليب الأم يحميها من سرطان الثدي واكتئاب ما بعد الولادة ، بل على عكس ما أشيع فإنه يحفظ جمالها وصحتها وأيضا نقودها التي سلبتها شركات الحليب ، وهي تسيطر على كثير من المؤسسات التي ترعى شؤون الأطفال .. وترصد المليارات للأنفاق على الدعاية الكبيرة لإقناع الأمهات بحليب صناعي.. ورغم اختفاء الدعاية للحليب الصناعي في وسائل الإعلام في الغرب قبل عقد من الزمان ، وتراجع استعماله إلا أن الإقبال في دول العالم الثالث مازال متناميا.. تحت ضغط ممثلين مخلصين يمارسون الترويج لهذه المنتجات بشتى الوسائل لا شك في أن العالم سيصحو، عاجلا أم آجلا، ويعود إلى لبن الأم ، وساعتها سوف تدرك الأمهات كم كن مخطئات عندما استبدلن الذي هو أدنى بالذي هو خير...
د. سمير غويبه
نشرت بالمرأة اليوم




Comments